ألعاب الكومبيوتر تساهم في زيادة قدرات الانتباه لدى الأطفال
تحسن التفكير وربما تساعد في علاج حالات اضطراب التركيز وفرط النشاط
الرياض: «الشرق الأوسط»
استخدام برامج خاصة لألعاب الكومبيوتر موجهة للأطفال يمكن أن تسهم في تدريبهم لى تحسين قدرات الدماغ والتفكير عبر تنمية شد الانتباه لديهم إضافة إلى لفت أنظارهم. هذا ما أعلن عنه فريق من الباحثين من جامعة أوريغن وكلية وييل للطب التابعة لجامعة كورنيل الأميركيتين في العدد الأخير من مجلة محاضر الأكاديمية القومية للعلوم في الولايات المتحدة الصادر يوم الاثنين الماضي. غير أنه ليس واضحا كيف يمكن لهذه الألعاب أن تؤثر في الطفل بهذا الشكل، لكن ومع زيادة الاهتمام الطبي في تطوير علاجات لحل مشاكل الانتباه والتركيز عند الأطفال فإن هذا البحث يسلط بعض الضوء على أساسيات آلية عمل دماغ الطفل الطبيعي في هذه الجوانب.
موضوع آلية «تنفيذ الانتباه» executive attention, والقدرة علي التخلص من الأمور المشتتة للتركيز لدى الطفل وتوجيهها إلى الأمور المفيدة من المواضيع التي تستحوذ على اهتمام طبي ملحوظ. والاتجاه هو لفهم سبب الفوارق الفردية بين السليمين في القدرات العقلية بين الأطفال أنفسهم وكذلك بينهم وبين البالغين، خاصة جوانب المشاكل المتعلقة بالشبكة العصبية التي تتحكم في بذل الانتباه وأي خلل في إحداها سببا مباشرا أو غير مباشر للقصور في الانتباه الذي ينتاب الأشخاص المصابين بحالة «ضطراب التركيز وفرط النشاط»attention deficit hyperactivity disorder, ADHD.
سعة قدرة التركيز تنشأ وتتطور بين سن الثالثة والسابعة من العمر كما يقول الدكتور مايكل بوسنر المتخصص في علوم النفس بجامعة أوريغن والذي درس تطور التفكير ونموه باستخدام قياس الموجات الكهربائية التي تسري في الدماغ لدى الأطفال في سن ما قبل دخول المدرسة والأطفال في سن أكبر. وفي سبيل ذلك قام بتوظيف تدريبات العاب بالكومبيوتر كرحلة إلى الفضاء تقوم بها مجموعة من القرود يشارك في اللعب بها أطفال ما بين سن الرابعة والسادسة من العمر لمدة خمسة أيام ضمن مراحل متعددة من اللعبة الكومبيوترية. وقام الباحثون برصد نشاط دماغ الطفل أثناء اللعب بواسطة جهاز تخطيط كهرباء الدماغ Electroencephalograph بالإضافة إلى اختبارات خاصة لقياس درجة التركيز والذكاء قبل وبعد ممارسة اللعبة. كما تم إجراء تحاليل للجينات لدى الأطفال المشمولين في الدراسة.
أدمغة الأطفال في سن السادسة من العمر أظهرت تغيرات مهمة بعد ممارسة اللعبة مقارنة بأقرانهم الذين شاهدوا فقط أشرطة فيديو مختلفة كما يقول الدكتور بوسنر، كما أن هناك تحسناً طفيفاً بين من هم في هذا السن وبين من يكبرونهم سناً. لكن الأطفال الأصغر سناً أي من كانوا في سن الرابعة من العمر أظهروا تغيرات طفيفة مقارنة بمن هم في السادسة. كما لوحظت تأثيرات للجينات، فالأطفال الذين من طبعهم قلة الخروج والأكثر انضباطاً، لديهم قدرات أعلى في التركيز منذ البداية مقارنة بمن هم ليسوا كذلك. وفي تعليق علي الدراسة يقول الباحثون من مركز تطور الدماغ والتفكير بجامعة لندن أنها أعطت دفعة مهمة في تطوير فهمنا لأهمية التحسن في قدرات التركيز مع استمرار التدريب في حالة الأطفال الصغار.
لكن ليس من الواضح أن التحسن الذي لوحظ في الدراسة على قدرات التركيز لدى الأطفال كان بسبب الاستمرار في التدريب أو أن وجود الأطفال في الدراسة وجو المختبرات هو ما دفعهم إلى إظهار تحسن في ذلك كما تقول الدكتورة ليزا فرند من المؤسسة القومية لصحة الطفل بالولايات المتحدة.
والسؤال المطروح اليوم بعد الدراسة: هل يمكننا تحسين قدرات انتباه الطفل في سن ما قبل الدخول إلي المدرسة وهل من جدوى لذلك؟ والسبب لا يخفى إذْ أن فهمنا الصحيح للحالات الطبيعية هو مفتاح فهم ما هو غير طبيعي خاصة في الأطفال الصغار الذين يتطورون بسرعة مذهلة في تفكيرهم والذين يتعرضون إلى كم هائل من المعلومات اليومية مما يشاهدونه في الحياة اليومية من الأمور التي لا يلقي لها بالاً البالغون لأنهم تعودوا عليها ولا يرونها مؤثرة عليهم.
والإجابة على كثير من الأسئلة التي تهم الوالدين قبل المدرسين هي كيفية مساهمتهم في نمو الدماغ والقدرات الذهنية لدى الأطفال وأولها وأبسطها كيفية تنمية لفت نظرهم وشد انتباههم بشكل سليم إلى ما يفيدهم في واقع عمرهم ومستقبلهم. والمتوقع أنه لو تم حل ألغاز تفكير الطفل وآليات شد انتباهه لسهلت أمور كثيرة ليست في تعليم الأطفال وتوجيههم بل على مستوى البالغين وإدراك أسباب مشاكل التركيز والذاكرة لديهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق