الاثنين، 28 يوليو 2008

لمحة تاريخية عن متلازمة داون


لمحة تاريخية حول عرض داون:

عرض داون أو ما كان يسمى في الماضي بالمنغولية الذي يعتبر نوع من أنواع التأخر العقلي والأكثر شيوعا وهو من أصل خلقي، ناتج عن خلل في البنية الكروموزومية ويعتبر الدكتورE.SEGUIN(1)-1812-1880 مؤسس البرنامج التربوي الخاص بالمصابين بعرض داون بباريس حيث يصف سنة 1846 صفات الوجه الظاهرة على هؤلاء المصابين لكن ذلك الوصف بقي يعتبر تقريبيا إلى أن جاء الطبيب الانجليزي لوجدون داون حيث جلبت وأثارت أبحاثه على هذه الفئة أنظار العالم إلى شريحة من المجتمـع المتخـلفين عقليـا،

وركز على الملامح الوجهيـة ( العينين مجعدتين، الأنف مسطح ...) وكانت الأبحاث آنذاك مقتصرة على رصد الصفات الظاهرة المشتركة والأعراض عوض البحث عن الأسباب الحقيقية لوجود هذه الفئة ، وترتب عن ذلك تصنيف هذه الفئة في قائمة البلهاء والمتخلفين عقليا إلى غاية سنة 1959 أين ظهر تيار جديد من الأبحاث في علم الوراثة، ومنها البحث في سبب وجود أو ظهور هذا التشوه الجيني، وقد أسفرت أبحاث الباحثين والذين قاموا بالكشف عن السبب الحقيقي والذي يكمن في وجود خلل في الكروموزومات الجنسية أثناء الانقسام وهذا الخلل هو وجود خلية من الخلايا الملقحة التي تحتوي على ثلاث كروموزومات بدل اثنين في الصبغي 21 ولهذا سمي هذا العرض ثلاثي الصبغي 21 وبالتالي يصـبح مجموع الكروموزومات 47 بدلا من 46.2

-I- تعريف عرض داون :

وصف عرض داون من طرف(LANGDOM DOWN) والذي أعطى اسمه لجملة من الأعراض التي يتصف بها المصابون بهذا العرض، وهو عبارة عن شذوذ أو خلل كروموزومي يحدث أثناء الانقسام الخلوي للبويضة الملقحة ،فبدل أن ينقسم الكروموزوم21 إلى قسمين فهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام.

(2)كما عرفه SILLAMY في موسوعة علم النفس لسنة 1980على أنه مرض خلقي يمس القدرات العقلية حيث يتميز صاحبها بمظهر خارجي خاص والأصل في عرض داون راجع لوجود (47) كروموزوم عوض (46) كروموزوم، كما هو معروف أن الشخص العادي يحمل (46) كروموزوما موزعة على (23) زوج ؛(22) زوج منها للصفات المختلفة والزوج الثالث والعشرين جنسي(X.Y)، والذي يحدث عند مصاب عرض داون هو وجود كروموزوم ثالث زائد في الزوج (21). (3)


أسباب عرض داون:

تعتبر الأسباب الحقيقية المؤدية لتناذر داون غير معروفة وهناك عدة افتراضات واحتمالات متداخلة فيما بينها تؤدي إلى وجود عرض داون وعليه قسم الباحثون الأسباب إلى قسمين، عوامل داخلية وخارجية:

(4)ا- العوامل الداخلية :

حسب معطيات علم الوراثة توجد حوالي 3% إلى 5% من الحالات تكون ذات طبيعة وراثية ومن بين العوامل الوراثية المعروفة أو المفترضة نذكر: - وجود أكثر من طفل مصاب بتناذر داون في العائلة الواحدة. - يرجع 3/1 من الحالات إلى النوع الملتحم.- وجود أطفال من أمهات مصابات بعرض داون، ونسبة احتمال ذلك هي50%.

- يعتبر سن الأم العامل الأكثر شيوعا ، وكلما زاد سنها زاد احتمال إنجابها لطفل مصاب بتناذر داون .ب- العوامل الخارجية : اتفق الباحثون على أن مجموعة من العوامل قد تكون ذات علاقة بهذا التناذر وهي : أشعة ×، بعض العوامل الكيماوية أو الفيروسات التي تؤثر على الخلايا ومن ثم على الكروموزومات، نقص الفيتامينات، وجود مواد سامة في الدورة الدموية للجنين...إلخ؛ ولا يوجد حاليا أي برهان نهائي لفعل هذه العوامل الخارجية التي يمكن أن تدخل مع بعضها البعض، وذلك مع الأسباب الداخلية، غير أنه وجد أن لها علاقة مع ظهور عرض داون،ولهذا تعد الأسباب غير معروفة.(5)

I-4-أنواع عرض داون: قبل التطرق لأنواع عرض داون يستحسن التعرف أولا على الانقسام الخلوي العادي : إن الكروموزومات مهمة جدا لتكوين الجنين فهي عبارة عن بنيات جد صغيرة موجودة في نوايا خلايا جسم الإنسان وتحتوي على معطيات هي التي تبرمج نمو وعمل كل شخص فكل شخص عادي له(46) كروموزوم (23) زوج كروموزوم من الكروموزومات من عند الأب وذلك عن طريق النطفة ، (23) كروموزوم من الأم وذلك عن طريق البويضة .وعند الإخصاب يجتمع (46) كروموزوم ليكون(23) زوج للجنين ، وتكون البويضة الملقحة هي أو للجنسين تحتوي على كروموزومين (21) وهذه الخلية الأولى تقسم بدورها إلى 4 خلايا تحتوي كل منها على (46) كروموزوم ،ومن بينها كروموزومين رقم (21) و يتتابع ميكانيزم الانقسام للخلايا في فترة الحمل، كلما انقسمت الخلايا انقسمت الكروموزومات أيضا.

(6)أما في حالة عرض داون فالخطأ يحدث في توزيع الكروموزومات أثناء الانقسام الخلوي ويمكن أن تظهر ثلاث حالات:ا-عرض داون معياري : -4-I4-I- ا-1 شذوذ الكروموزومات قبل عملية الإخصاب : يطرأ الخطأ في توزيع الكروموزومات قبل أن تخصب البويضة من الحيوان المنوي ، كما يمكن أن يكون الخلل في الحيوان المنوي عوض البويضة ، وبالتالي فإن البويضة المخصبة يصبح فيها كروموزوم زائد أي عوض كروموزومين يصبح فيها ثلاث كروموزومات من الزوج (21) الذي يتواجد بعد ذلك في خلايا الجنين.-ا-2 شذوذ الكروموزومات بعد عملية الإخصاب:4-Iيستطيع أن يحدث الخلل في توزيع الكروموزومات عند التقسيم الخلوي الأول ، وفي هذه الحالة تكون كلا من البويضة والحيوان المنوي هما كروموزوم واحد الزوج (21 ) والبويضة الملقحة يكون فيها كروموزومان كما هو الحال عند العادي ، ولكن خلال انقسام البويضة الملقحة يحدث الخطأ بحيث تتلقى الخلايا الجديدة ثلاثة كروموزومات من الزوج (21 ). بينما الخلايا الأخرى تتلقى كروموزوم واحد ولهذا هي لا تستطيع أن تعمل فتموت.أما الخلية التي تحتوي على ثلاثة كروموزومات من الزوج (21) فتنقسم وتصبح كل خلايا الجنين تحتوي على ثلاثة كروموزومات من الزوج (21)، وبالتالي يصبح الطفل حامل لتناذر داون.

-الشكل الفسيفسائي :


تعود نسبة 5% من الحالات المصابة بتناذر داون إلى المرحلة الثانية من الانقسام الخلوي ، ويكون عبارة عن خليتين من زوج كروموزومي رقم (21) وخلية واحدة تحتوي على ثلاث كروموزومات ، وفي الخلية الرابعة يوجد كروموزوم واحد لذا فهي تموت ، وبالتالي ينمو الجنين وجسمه يحمل خليط من الخلايا العادية التي تحتوي على (46) كروموزوم وأخرى تحتوي على (47) كروموزوم ، منها ثلاثة كروموزومات لزوج (21)وانطلاقا من هذا يسمى بالشكل الفسيفسائي.


-الشكل الملتحم:


هذا النوع قليل الوجود، رغم عدم ظهوره في الأولياء، وذلك في الصفة الجسمية والعقلية، وتكمن خطورته في إعادة ظهور طفل حامل لتناذر داون في عائلة كان لها مصاب من قبل بهذا التناذر، والنوع الملتحم نعني به التحام كروموزومين مختلفين ليكونا كروموزوما جديدا مثل الزوج (14) والزوج (21) وبالتالي تحتوي خلايا الجنين على زوج من الكروموزوم (21) وكروموزوم جديد متكون من جزء من كروموزوم (21) وجزء من الكروموزوم (14).وفي هذه الحالة تكون الخلية محتوية على ثلاثة كروموزومات من زوج (21) وهي الحالة تعطينا نوعا جديدا من أنواع عرض داون، هنا يكون الخلل عند تكوين البويضة أو خلال الانقسام الخلوي بعد الإخصاب.وفي 5%من الحالات المصابة بتناذر داون، يكون فيها أحد الأولياء حاملا لشكل ملتحم.

صفات الطفل المصاب بعرض داون:

يتم تشخيص طفل متلازمة داون مبكراً بعد الولادة مبنياً على ملامح وجهيه وسمات جسميه على الطفل ومن أهم الملامح والسمات ما يلي : -ارتخاء عام في عضلات الجسم والمفاصل وضعفها وقد تتحسن حالة الطفل كلما كبر.

-يكون وزن الطفل وطوله أقل من المعدل عند الولادة.

-الحواجب متقاربة فوق الأنف ومرسوم.

-العينان صغيرتان مائلتان نحو الأعلى، مع وجود تشقق في الجفون

-الأذنان صغيرتان ومنخفضتان.

-الأنف صغير والجسر الأنفي مسطح.

- الفم صغير والشفتان عريضتان وجافتان وتجويف الفك السفلي أصغر قليلاً، مما يجعل اللسان بارزاً وطويلاً، وهذا سلوك يمكن إيقافه عن طريق تعليم الطفل ، وقد تبدو بعض التشققات باللسان.

-* صغر حجم الأسنان وتشوهها ، مما يؤدي إلى صعوبات في النطق.

-* صغر الأيادي وقصر الأصابع بالإضافة إلى وجود خط أفقي في راحة اليد.

* الرقبة قصيرة، والشعر ناعم ومستقيم.

-* عظم الكتف قصيرة.

-* معظم أطفال متلازمة داون قصار القامة، ممتلئو الجسم.- الرأس مستدير، صغير الحجم نسبياً، وجبهته عريضة، ويلاحظ تفلطح مؤخرة الرأس مما يجعله دائرياً.- توجد مسافة بين إصبعي الرجل ( الإبهام والسبابة ).

- خشونة وتجعد في البشرة مع نعومة الشعر وخفته.


الخصائص العقلية والاجتماعية:


-6-Iيؤثر عرض داون على الدماغ في تطوره ووظيفة، وهذا لوجود كروموزوم زائد في الصبغي (21) وبما أن للدماغ دور كبير في مراقبة مختلف جوانب النمو والتنسيق الحركي للذكاء وبعض المظاهر السلوكية، فيكون من المنطق أن وجود هذا الكروموزوم الزائد يؤدي إلى اضطرابات في تكوين قدرات الدماغ مما ينتج عنه تخلفا عقليا بمختلف الدرجات

.(8)وعند المصاب بعرض داون يكون الرأس اصغر من العادي وتطوره يكون بطيء في ثلاث سنوات، وفي سن الخامسة عشر، يكون حجم الدماغ لهؤلاء الأطفال يساوي حجم دماغ طفل عادي عمره سنتين ونصف، ويكون النمو العقلي موازيا لنمو الدماغ عند الأطفال المصابين بعرض داون، وكلما ازداد المخ في تطوره كان هناك اكتساب جديد للنشاطات.وتكون في الأول بسيطة وبصورة عامة يتراوح ذكاؤهم بين 30°-50° و65°-70° ومع معدل 40°-45°.إن الانخفاض في الذكاء لا يعني الانخفاض في المستوى العقلي مع السن وإنما يعني أن الطفل لا يستطيع الاحتفاظ بذكاء أو إيقاع تطوره الأول خاصة إن لم يحظى بكفالة مبكرة

.رغم أن حاصل الذكاء للطفل المصاب بعرض داون محدودة مقارنة بالطفل العادي إلا انه يسمح له باكتساب بعض النشاطات التي تضمن له حياة تقريبا عادية، إن التطور الاجتماعي عند الطفل المصاب بعرض داون يسبق التطور العقلي بحوالي سنتين إلى ثلاث سنوات ولهاذ يبدو أنهم اجتماعيون أكثر

. ويتمكنون من إقامة علاقات مع الوسط الذي يعيشون فيه بسهولة ويتكيفون معه.

-7-Iمراحل النمو عند الطفل المصاب بعرض داون:

إن المصاب بعرض داون، تنمو معارفه بصورة مستمرة كما هي عند الشخص السوي، إلا أن هذا النمو يتم بطريقة بطيئة جدا فيكتسب قدرات في مرحلة معينة من النمو، كالابتسامة والجلوس ثم المشي فالكلام والتحكم في النظافة، ويكون هذا تدريجيا.


-المرحلة الحسية الحركية:


خلال السنوات الأولى من النمو الحسي الحركي يبدو نمو الطفل المصاب عاديا ثم يتباطأ مع التقدم في السن، ففي هذه المرحلة يواجه الطفل صعوبات في النمو الحسي الحركي فوجود التخلف العقلي يعرقل سياق اكتساب السلوكات والحركات الممكنة للنمو وأثناء كل مرحلة من مراحل النمو نلاحظ إفراط في تمطط الرابطة الليفية لعضلات الطفل وينتج عن ذلك إفراط في التحضرب العضلي، وهذا ما يجعل الطفل رخوا ويمنعه من السيطرة على بعض الحركات مثل القبض أثناء الطفولة المبكرة

.ومن الملاحظ أن معظم الأطفال المصابين بعرض داون يقضون أوقات كثيرة على وضعية البطن أو الظهر وهذا يعيق اكتساب وضعية الوقوف والتوازن والمشي كما تظهر لديهم صعوبات في الجلوس لان هذه العملية تشترط تنسيقا للحركات الدقيقة وحسب (ARNOLD GESEL) فإن الطفل المصاب بعرض داون ذو ذكاء متوسط يتعلم الجلوس في العام الأول والمشي في عامين، أما التلفظ بالكلمات البسيطة فيكون في السنة الثانية، ويأكل بمفرده في السنة الرابعة.

(9)وبالتالي فإن الإصابة بالشذوذ الكروموزومي تؤدي إلى عرقلة النمو الحسي-الحركي العادي- ويظهر حاليا في تباطؤ عملية اكتساب الميكانيزمات الخـاصة بالنـمو مثل الجلـوس، المشي، اللغـة... الخ

-8-النمو المعرفي لدى لطفل المصاب بعرض داون: Iفي إطار نظرية بياجي للنمو المعرفي قام انهلدر1959 بدراسات على المصابين بعرض داون وذلك حول النمو المعرفي عند هذه الفئة فقد أسفرت نتائج هذه الدراسات أن نموهم المعرفي يتميز بالتأخر عن النمو المعرفي عند الطفل العادي كما يتميز بسرعته البطيئة كما أن هذا النمو يستقر في آخر المطاف في مرحلة أقل من التي يصل إليها الطفل السوي وذلك متعلق بدرجة الإعاقة

.(10)فحسب انهلدر فإن التفكير المنطقي لدى هذه الفئة له مميزات خاصة؛ فهؤلاء الأطفال يستغرقون وقتا أطول في المراحل الأولى من المراحل التي حددها بياجي؛ حيث يرى انهلدر أنهم يستغرقون وقت الطفل العادي في مرحلة النمو الحسي الحركي.

(11)كما أن هذا النمو يتراجع من مرحلة إلى أخرى أقل بكل سهولة، فالتفكير المنطقي عند هؤلاء الأطفال يتميز بعدم الاستقرار كما أجريت دراسات أخرى حول الحكم الأخلاقي ونمو القيم الأخلاقية مثل دراسة ستيفان1974 والتي أوضحت أن الحكم الأخلاقي عند المصابين بعرض داون يستغرق وقتا أطول في التطور مقارنة مع الطفل العادي .إذا نقول أن النمو المعرفي لدى لطفل المصاب بعرض داون يتميز ببطء سرعته وعدم استقراره.(12)http://www.bmhh.med.sa/vb/showthread.php?p=24769

ليست هناك تعليقات: