كيف يفكر طفلك؟
إعداد: تهاني عبد العزيز
تصف الغالبية العظمى من الأمهات أبناءهن الصغار بأنهم "ملوك الدراما" لأن سلوكهم مزاجهم يتغيران ويتبدلان بين اللحظة والأخرى، فهناك مثلاً من يطلب مشاهدة التلفزيون ولكنه سرعان ما يغير رأيه ويتحول إلى طلب آخر مثل اللهو في الحديقة، وهناك من كان يستمتع بالاستحمام لكنه فجأة أصبح يكرهه، وغير ذلك من المواقف الغريبة التي يصاحبها في العادة عناد أو بكاء شديد غالباً ماترى الأمهات أنه مفتعل، إلا أنه في الحقيقة ليس كذلك، فهؤلاء الصغار يتوقون إلى الاستقلال ويسعون إلى الاستمتاع بحياتهم ولكن ما يعوقهم أنهم لا يزالون عاجزين عن التعبير عما يجول بخاطرهم وفيما يلي نقدم تفسيراً ذاتياً من قبل الأطفال الصغار لثمانية مواقف شائعة بينهم، ربما تساعد إلى حدٍ ما في فهم كيف يفكرون.
1- اللهو بالملابس
انتهيت من كي الملابس وما إن أدرت ظهرك حتى انطلق طفلك يتنطط فوقها، وأصر على تجاهل نداءاتك عليه بالتوقف، كما لم تفلح كل تهديداتك في إقناعه بالكف عن هذا التصرف المزعج.
حقيقة تفكيره: إذا أردتني أن أتوقف ما عليك إلا أن تقولي لي كلمة واحدة هي "لا"، فأنا لا أفهم العبارات الطويلة المعقدة التي تقولينها لي مثل "ابتعد من هنا" كما أنني لا أفهم لم تريدين مني التوقف.
التصرف السليم: بعض الكلمات مثل: "لاتفعل ذلك" تربك الصغير، فهو بحاجة إلى كلمات بسيطة يفهم منها أن عليه التوقف، وليس هناك أبسط من كلمة "لا" على أن تكرريها أكثر من مرة وبلهجة صارمة حتى يفهم أن عليه التوقف، وحتى لايشعر أنك متعسفة ارفعي الملابس واتركيه يلهو بسلة الغسيل قليلاً.
2- رفض مبدأ المشاركة
لاحظت منذ فترة أن طفلك يبدو أنانياً أثناء اللعب مع رفاقه، حيث لا يسمح لأحد منهم بالاقتراب من ألعابه ففي المرة الأخيرة التي التقاهم فيها ملأ المكان صراخاً لأن طفلاً آخر أمسك بلعبته المفضلة، ولم تفلح جميع محاولاتك في إقناعه بأنه سيعيدها بعد قليل وأصر على أنها ملكه هو.
حقيقة تفكيره: الطفل وهو يصرخ ويبكي على لعبته لسان حاله يتساءل لماذا تطلبين مني أن أسمح للغير بمشاركتي ألعابي بينما أراك لا تسمحين لأحد بالاقتراب من أشيائك، فلا أحد يقود جوالك غيرك ولا أحد يستخدم جوالك الخاص ولا أحد يحق له أن يفتح حقيبتك، ثم ماذا تقصدين بـ "بعد قليل" أنا لا أفهمها وكل ما أريدك أن تفهميه أنني أريد لعبتي.
التصرف السليم: يستغرق الأطفال اليصغار وقتاً طويلاً ليفهموا معنى مراعاة مشاعر غيرهم، لذا من الأفضل أن نبدأ بتعليمهم مبدأ انتظار دورهم في اللعب بحيث تدور اللعبة على الجميع ومع التكرار يعتادون على الفكرة، ومن الخطأ أن نعوّدهم على رفع ألعابهم المفضلة عندما يأتي أحد لزيارتهم تجنباً للمشكلات، فبمرور الوقت يعتاد الصغير مشاركة الآخرين اللعب وتخف المشكلات.
3- الخوف من الغرباء
منذ بضعة أسابيع وأنت تخططين لرحلة عائلية إلى السيرك، خاصة أن أولادك يتوقون للذهاب إلى هناك، وعندما جاء اليوم المحدد فوجئت أن ابنك الصغير بدأ يبكي بعد دقائق من جلوسكم في المقاعد مطالباً بالعودة إلى المنزل.هذا المكان يملأه الضجيج والأزدحام، أرع الجميع يتقافزون وهم يرتدون ملابس غريبة وهذا يبعث في نفسي الخوف.
التصرف السليم: في الحقيقة هناك أماكن كثيرة نعتقد نحن الكبار أنها تناسب الصغار، ولكنها في الحقيقة أماكن مخيفة بالنسبة لهم في المرة المقبلة عندما تخططين لاصطحابهم إلى مكان مثل السيرك أو الملاهي من الأفضل أن تعطيهم فكرة مسبقة عن المكان وما سيشاهدونه هنا فبهذه الطريقة يبدو المكان مألوفاً بعض الشيء فلا يشعرون بالخوف أو الغرابة.
4- الاصرار على عدم التغيير
بينما كان طفلك يلهو على الشاطئ في الرمل انتبهت إلى أن الجميع سارعوا للإلتفاف حول رجل يؤدي ألعاباً بهلوانية فأسرعت إلى طفلك تحثينه على الانضمام إليهم لكنه رفض بإصرار أن يستجيب لك.
حقيقة مشاعره: هو بداخله يتمنى لو أن بمقدوره أن يقول لك: " عندما أكون مشغولاً في شيء لا تحاولي أن تلفتي انتباهي إلى شيء آخر لأن تركيزي يكون فقط منصباً على الشيء الذي بين يدي".
التصرف السليم: لاتجبري ابنك على شيء لايريده، فهو مثلك تماماً من حقه الاختيار والحفاظ على خصوصيته، وبدلاً من تشتيت انتباهه حاولي أن تعززي ما هو منشغل فيه بأن تدعميه وتساعديه لكي يبدع ويؤديه على خير وج، وتذكري أن الطفل بحاجة إلى التشيجيع على التركيز وليس تشتيت الانتباه لأن هذا سوف يفيده في المستقبل.
5- الانزعاج من مساعدتك له
بينما كان طفلك الذي أكمل 18 شهراً يلعب بالمكعبات محاولاً بناء هرم أخذت منه المكعب ووضعته في المكان المناسب لتريه مكانه الصحيح لكنه لم يسعد بتصرفك ونزع المكعب من مكانه ورماه على الأرض.
حقيقة مشاعره: يجب عليك ألا تتدخلي في اللعب.. كيف لي أن أعرف مكان المكعب دون أن أحاول بنفسي، لم تعجلتي وحرمتني من المحاولة، أنا أحاول قدر جهدي لاكتساب المعرفة مستغلاً ما لدي من مهارات لكنك لم تعطني الفرصة.
التصرف السليم: قبل أن تبادري إلى تقديم العون لطفلك، اسأليه إن كان بحاجة إلى المساعدة، فإذا رفض اتركيه وشأنه وإذا شعرت بأنه بدأ يصاب بالاحباط حاولي توجيهه نحو التصرف السليم بلطف بحيث يشعر وكأنه هو من اكتشف الشيء، فمن ميزات اللعب أنه يعوّد الطفل على الصبر والاعتماد على النفس وهما صفتان ضروريتان له في حياته عندما يكبر ويتقدم به العمر فلا تشوشي تفكيره واتركيه يعلم نفسه بنفسه.
6- الخوف من الحمام
منذ وطفلك يحب الاستحمام ويستمتع بالماء لكنه في الفترة الأخيرة أصبح يخاف من الحوض ويكره وقت الاستحمام.
حقيقة مشاعره: منذ أيام لاحظت أن هناك فتحة في قاع الحوض يتسرب إليها ماء الاستحمام ويختفي على الفور، فانتابني الرعب من أنني بدوري سوف أتسرب داخل هذه الفتحة وأختفي.
التصرف السليم: عندما تدركين أن صغيرك يشعر بالخوف عليك أن تراعي وتحترمي مشاعره فلا تهزئي به أو تسخري منه، واصبري عليه قليلاً وابذلي ما في وسعك لمساعدته في التغلب على مخاوفه،وفي حالة المثال السابق لا ضرر من تغطية بلاعة الحوض بإسفنجة كبيرة بحيث لا يراها ويكف عن الشعور بالخوف، أو غلقها تماماً بالسدادة ولا تفرغي الحوض إلا بعد ا، يفرغ من الاستحمام ويغادر المكان.
7- عشق كلمة "لا"
لا يعرف طفلك سوى كلمة "لا" فهي الجواب الوحيد لديه إذا سألته إن كان يشعر بالجوع أو النعاس، أو حتى إن كان لديه رغبة في الاستحمام أو تغيير ملابسه.
كل ما في الموضوع أن لحن الكلمة يعجبني لذا أحب ترديدها باستمرار، فضلاً عن أنها من أولى الكلمات التي تعلمتها، كما أنني أستمتع باستعراض مهارتي اللغوية.
التصرف السليم: الطفل من هذا النوع يسعى إلى تأكيد استقلاله لذا لا تجادليه كثيراً، فلا تسأليه مثلا إن كان يشعر بالجوع أم لا؟ الأفضل أن تضعي الطعام أمامه وتنصرفي، إذا كان يشعر بالجوع سوف يأكل، وإذا بدا مصراً على عدم الأكل حاولي أن تثيري انتباهه بأن تتظاهري بأنك ستأكلين طعامه، وبهذا تحرضسنه على الدفاع عن نفسه واسترداد طعامه.
8- اليوم يتصرف مثل الطفل وغداً مثل الكبير
اعتاد الطفل الذي يبلغ من العمر عامين أن تمسكي بيده وهو يتزلج على الزلاجة، ولكنه في آخر مرة كنتما فيها في الحديقة بدا مصراً على أن تتركيه يلهو على الزلاجة وحده وطلب منك الابتعاد، فراودك شعور بأنه بدأ يكبر ويسعى إلى الاستقلال، لكنك فوجئت به في طريق العودة يطلب منك أن تحمليه رغم أنه أقلع عن هذه العادة منذ فترة طويلة.
حقيقة مشاعره: في بعض الأحيان أحتاج لأن تعامليني مثل طفل كبير، وفي بعض الأحيان أشعر بالحاجة إليك كما لو كنت طفلاً صغيراً، أعلم أنه صعب عليك فهم ما يحدث لكن ماذا أفعل أنا عاجز عن فهم نفسي؟
التصرف السليم: لاتعنفيه أو تسخري منه، تجاوبي معه فهو لايزال طفلاً وتلبيتك حاجاته النفسية تشعره بالأمان وتعزز ثقته بنفسه، وتذكري أنه لا يستطيع أن يشرح لك حقيقة مشاعره وأنه يمر بمراحل نمو مختلفة ويحتاج لمن يأخذ بيده.
__________________________________
مجلة المرأة اليوم /العدد 382- أغسطس 08
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق